خاص: يوما بعد يوم تثبت السلطة أنها أداة لعقاب منتقديها، وحتى المقربين منها إذا ما كان لهم رأي معارض لها، تستخدم في ذلك كل إمكاناتها، ساعية لتركيع شعب روى أرض وطنه بالنضال ودماء الشهداء، وفشل الاحتلال طيلة عشرات السنوات على إخضاعه وكسره، لكنه رفع في وجهه شارة الصمود وعلامة النصر.
آخر مشاهد مسلسل العقاب المفروض على الفلسطينيين من قبل السلطة، كان "التحفظ على جوازات السفر ورفض تجديدها"، ما جعل سياسيين يصبون جام غضبهم للسلطة التي اعتبرت نفسها إلها لا يخطئ ولا يمكن معارضته، مؤكدين أن السلطة نسيت أو تناست أنها تتعامل مع شعب أبدا لن ينكسر.. لأنه شعب الجبارين.
سحب الجوازات سلاح السلطة
على مدار السنوات الماضية استخدمت السلطة الفلسطينية سلاح جواز السفر ضد الفتحاويين المناوئين لسياسة الرئيس محمود عباس.
وفي يوليو/تموز عام 2018، منعت السلطة الفلسطينية تجديد جواز النائب في المجلس التشريعي عن كتلة فتح البرلمانية ماجد أبو شمالة، الذي صرح قائلاً، "لا يوجد مانع دستوري يمنع مواطن من الحصول على جواز سفر، مضيفاً لقد قاومت الاحتلال وسُجنت ولم يفعل معي كما فعل عباس والجواز حقي كمواطن وكعضو برلمان منتخب".
ومنعت السلطة تجديد جوازات قيادات فتحاوية آخرين، منهم القيادي الفتحاوي توفيق أبو خوصة، والقيادي الفتحاوي الدكتور أيمن الرقب، والصحفي الفتحاوي محمد جودة، وغيرهم المئات من قيادات وكوادر أبناء حركة فتح المعارضين لسياسة الرئيس محمود عباس، جلهم من قطاع غزة والخارج.
وتواصلت ردود الفعل حول قيام السلطة الفلسطينية بالتحفظ على جوازات سفر كوادر وقيادات حركة فتح، واستنكر التيار الإصلاحي الديمقراطي بحركة فتح، وكتاب وسياسيين ما تفعله السلطة من جريمة وعقاب ضد منتقديها، بالتحفظ على جوازات سفرهم وعدم تجديدها، وطالبوا بضرورة التراجع عن سياستهم العقابية تجاه الشعب الفلسطيني، وتندرج قضية حجب جوازات السفر ومنع اصدارها الا بقرار من الرئيس عباس أو مدير مخابراته ضمن سياسة العقوبات التي كان قد فرضها الرئيس عباس على خصومه أو معارضيه من داخل الحركة والتي تمثلت بالتقاعد والفصل من الخدمة وقطع الرواتب والمنع من السفر وصولا الى الحرمان من العلاج.
الديكتاتوريات الفاشية
وفي هذا السياق قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح، عدلي صادق، في مقالة له، لو إن الديكتاتوريات الفاشية، لجأت الى منع إصدار جوازات السفر لمن يعارضونها؛ لكان أكثر من نصف بعض شعوب العالم الثالث، بلا حقوق في الحصول على جوازات سفر. لقد اتخذت منظومة عباس من الحقوق الإنسانية وسائل ضغط سياسي على الناس، لكي يصل المواطن الى مرحلة طلب الخلاص الفردي، إما بالرضوخ والتسحيج والتصفيق للقرن الناطح، أو بالهجرة، أو بطلب الموت بأية طريقة. غير أن هذه المنظومة، وبحكم سنن التاريخ، ستُحال الى المزبلة، إن لم يكن بمفاعيل الانفجار الشعبي، فبحسابات المحتلين والأمريكيين أنفسهم, على الرغم من استنكاف الفلسطينيين عن الجأر بالشكوى لغير الله. فقد جعلتهم الوطنية العميقة، يمتنعون عن التوجه الى منظمات دولية، بشكاياتهم ضد من يظلمهم من الأقربين، لكي لا تنحرف البوصلة، فتصبح مشكلة الناس مع سلطتهم وليس مع الإحتلال. لكن مشكلة منظومة عباس أصبحت مع الطرف المعادي الذي يحسب حسبته ويتخير أساليبه لفتح الثغرات في الجدار الفلسطيني!
الجواز الفلسطيني حق وليس منة من أحد
وقال الدكتور أيمن الرقب، إن الفلسطيني عانى قبل قيام السلطة الوطنية الفلسطينية من عدم وجود جواز مستقل له وحمل الفلسطينيون وثائق سفر من دول عربية متعددة تحت عنوان وثيقة سفر للاجئ فلسطيني، وكان المواطن الفلسطيني يدفع ثمن الخلافات العربية.
وأوضح د. الرقب في مقال خصص لموقع قناة "الكوفية" تحت عنوان "الجواز الفلسطيني حق وليس منة من أحد "، أن أجهزة الأمن الفلسطينية تتحفظ على إصدار جوازات سفر لعدد من الفلسطينيين بحجة موقف سياسي، وهذا الأمر يخالف نصوص الدستور.
وأضاف، "دعونا نختلف كما نشاء، ولكن دون الانقضاض على حقوق أي مواطن بدءا بالوظيفة وانتهاءً بمصادرة جواز السفر، أي اسقاط الجنسية بدون أي حق".
حجز جوازات سفر المعارضين السياسيين إرهاب منظم
وأكد الدكتور طلال الشريف، أن ما تفعله السلطة الفلسطينية إعاقة وعقاب بالضغط على أي مواطن عبر حجز أو مصادرة جواز سفره الفلسطيني، من قبل أياً كان هو عمل إرهابي.
وأوضح الشريف في مقال خاص له نشره على موقع قناة "الكوفية" بعنوان، "حجز جوازات سفر المعارضين السياسيين من رام الله هو إرهاب منظم"، أنه لا يمكن التصور أن هناك حكومة عاقلة تدفع مجتمعها نحو التطرف والعنف وتهديد السلم الأمني نتيجة ممارستها هذا الإرهاب المنظم من قبل الدولة أو السلطة.
وطالب الشريف بمحاسبة كل من تورط في ممارسة الإرهاب على أي مواطن فلسطيني أياً كان نوعه.
محاولة لتركيع المعارضين في رأيهم
من جهته قال الكاتب والباحث السياسي، فراس ياغي، إن تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام ١٩٩٤ وفقا لاتفاق أوسلو، وما ترتب على ذلك من إصدار وثيقة سفر بمسمى جواز سفر، أحدث نقلة نوعية للكل الفلسطيني وأصبح الكثير من أفراد الشعب الفلسطيني يحملون الوثيقة في حلهم وترحالهم.
وأوضح ياغي في مقاله له خصصت للنشر عبر موقع قناة "الكوفية"، " كفى.. جواز السفر حق وليس منة"، أن الوثيقة حق من الحقوق المنصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني، بل هي واجب النفاذ لكل فلسطيني وبالذات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأكد ياغي، أن السلطة تستخدم إعادة تجديد الجواز، كعقاب ومحاولة لتركيع المعارضين في رأيهم لسياسات السلطة، حيث هناك العديد من المواطنين الذين رفض تجديد جواز السفر الخاص بهم ومنعوا بذلك من إمكانية التحرك في أبشع مخالفة للحقوق الانسانية الاساسية.
وتابع، "كفى!!! وكفى!!! فهناك أمور غير قابلة للنقاش ولا للعقاب، وأولها الحق في جواز السفر، وهو ليس منة من أحد".
جواز السفر حق مُكتسب.. لكنه ليس في متناول اليد
من ناحيته أكد الكاتب نضال أبو شمالة، في مقاله، أن "جواز السفر الفلسطيني حق مُكتسب ولكن ليس في متناول اليد"، أن السلطة الفلسطينية استخدمت سلاح جواز السفر ضد الفتحاويين المناوئين لسياسة الرئيس محمود عباس.
وأوضح أبو شمالة في مقالة نشرت عبر موقع قناة الكوفية، أن جواز السفر من أكبر أسلحة السلطة التي ذبحت قطاع غزة، خاصة المعارضين السياسيين لنهج السلطة، ونشطاء وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، ولم يسلم من عقوبة جواز السفر لا التجار ولا المرضى الذين بحاجة للعلاج في الخارج، ولا الطلبة الملتحقين في الجامعات العربية والأجنبية
وشدد على أنه لا يمكن القبول باستمرار هذه الحالة التي تحولت الى ظاهرة عقابية جماعية برغم رياح التقارب والتصالح التي نسمع عنها ولم نرَ ما يصُدقها فعلاً وعملاً كالذي يسمع طحناً ولا يرى دقيقاً، صفّوا نواياكم يرحمكم الله.
جواز السفر حق شخصي ولا يجوز تجريد أحد منه
ومن جهته استنكر تيار الإصلاح الديمقراطي على مدار الأعوام السابقة في بيانات منفصلة، ما قامت به وزارة الداخلية الفلسطينية في رام الله، بالتحفظ على جوازات السفر الفلسطينية الخاصة بكوادر وقيادات حركة فتح، معربا عن ادانته لرفض السلطة تجديد جوازات السفر الخاصة بكوادر وقيادة التيار.