كوشنر والذاكرة السياسية "المخرومة"!
عاد صهر الرئيس الأمريكي الى المشهد السياسي متحدثا عن الخطة الأمريكية لحل الصراع، "صفقة ترامب"، وكأنه الساحر الذي طال انتظاره طوال أعوام ليضع "حله العجيب".
الأمريكي كوشنرـ مارس هوايته التي درج عليها منذ إطلاق حملته "التهويدية" عبر الخطة الترامبية، بتحميل الطرف الفلسطيني مسؤولية فشلها أو عن اخفاقها، وهو قول يثير السخرية، من حيث القاء المسؤولية مبكرا وقبل أن يكشف جوهر تلك الصفقة.
كوشنر، لم يقدم مضمونا واضحا لمكونات الصفقة التي يتاجر بها، وما عرضه ليس سوى "خطوط غير مكتملة"، وإشارات عن "حل" ما هنا وهناك، وكل ما كان واضحا بها، ما تم تنفيذه عمليا باعتبار القدس عاصمة لدولة الكيان، وأنها بقسميها شرقا وغربا "حق يهودي" مع الخلاص من "تجمعات سكانية فلسطينية" فيها.
كوشنر، يروج أنه يختلف عن سابقيه، الذين تحدثوا عن "إعطاء الأمل، وليس تحقيق الصفقة"، وأن هدفه "عقد الصفقة وإنهاء هذه القضية". كلام يكشف أنه لم يكن جزءا من الماضي السياسي وليس على دراية به، بل يبدو انه لم يخصص وقتا كافيا لقراءة ما تم تصديره من "أفكار" أمريكية من كارتر حتى بوش الإبن، قبل أن يتباهى "الصهر" بهذا الإنجاز المشوه، وغير المكتمل.
كوشنر، يحق له تجاهل ما قدم أمريكيا من أفكار أو "رؤى"، ولكن كيف له ان يقول أن الفلسطينيين لم يقبلوا "حلول وسط"، وهم دون غيرهم من تقدموا منذ العام 1974 بأفكار متكاملة لحل الصراع مع الكيان، مرورا بمبادرة السلام الفلسطينية عام 1988 التي أعلنها الشهيد المؤسس الخالد ياسر عرفات، والتجاوب "الإيجابي" مع مؤتمر مدريد – واشنطن، واتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) عام 1993، والذي تم توقيعه رسميا في البيت الأبيض بحضور دولي غير مسبوق، وأصبح الوثيقة الرسمية الأولى بين الطرفين تضع أسس للحل السياسي مع اعتراف متبادل بين منظمة التحرير ودولة الكيان.
والأغرب من كل ذلك، كيف لشخصية تدعي أنها تبحث عن حل سياسي، لا يعلم بوجود "مبادرة سلام عربية"، أقرت في قمة بيروت 2002 اعتبرت مبادرة شاملة، وافقت عليها القيادة الفلسطينية، ورفضتها إسرائيل بالكامل.
واتفاق أوسلو، ليس حلا وسطا فقط، بل ان الطرف الفلسطيني وافق على ما هو أقل مما ورد في مبادرة السلام الفلسطينية 1988، ونفذت منظمة التحرير غالبية ما وافقت عليه، فيما أقدم اليمين الإرهابي على اغتيال موقع الاتفاق اسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي، تعبيرا عن رفضهم لأول "حل ممكن" بين الطرفين، معلنين انهم ضد أي محاولة تسوية لا تستقيم مع مشروعهم القائم على تهويد الضفة والقدس.
خطة ترامب، التي صممها الصهر كوشنر، ليست حلا وسطا كما يدعي أبدا، بل هي خطة اليمين الإرهابي الذي اغتال رابين لاغتيال فرص "السلام الممكن"، وتحويله الى "سلام مستحيل" او "سلام التهويد"، ذلك هو جوهر الخطة الأمريكية التي تتوافق مع تلك الأفكار.
أمريكا، بدأت في عقاب الطرف الفلسطيني على ما يجهل من عناصر الخطة، وأغلق مكتب منظمة التحرير وطرد ممثلها، كرسالة "إرهاب سياسي"، ووضع معادلة تقوم على "القبول الأعمى أو العقاب الشامل"، ما يكشف ان أصل الخطة ليس بحثا عن "حل وسط ممكن" بل فرض "حل تهويدي" عبر مسمى "صناعة السلام"، ذلك هو منطق الخطة الأمريكية التي يروج لها "الصهر" كوشنر، وليس سرا ان تجاهله الكلي لاتفاق أوسلو ليس سوى توافق مع اليمين الإرهابي الإسرائيلي الذي رفض ذلك الاتفاق واغتال موقعه.
خطة ترامب ليس حلا سياسيا، بل قطار أمريكي لتمرير مشروع التهويد، على حساب قرار الأمم المتحدة حول دولة فلسطين، وحديث كوشنر التهديدي مقدمة لمنح الإسرائيلي مبررا للبدء في تنفيذ ذلك المشروع، ما يتطلب "هبة فلسطينية" تكسر حالة "الركود الكفاحي".
ملاحظة: زيارة وزير الخارجية المصري الى رام الله يجب أن تفتح الباب لحراك سياسي أوسع، لحصار من يحاول حصار الموقف الفلسطيني من رفض لمخطط تدمير الكيانية الفلسطينية، وبوابة مشروعة لسحب الاعتراف بالكيان!
تنويه خاص: عودة الاعتقالات الى المشهد الفلسطيني في جناحي "بقايا الوطن"، رسالة سلبية لا تمنح المواطن امانا للمشاركة فيما هو ضرورة...حاذروا من الاستهتار بغضب الناس!