إسرائيل وحتى هذه اللحظة رغم محاولات التطبيع مع الأنظمة الدول العربية السرية والعلنية منها ، لم تندمج اقتصاديا مع تلك الدول ولا حتى مع الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية معها من خلال اتفاقيات السلام ، لان اسرائيل دوله - مملوكه وظيفيا - لا تنتج ما تأكله هذه الشعوب ولا هذه الشعوب تستهلك ما تصنعه ، ولكن يبرز دورها في التجارة الاهم وهي تجاره الامن الامبريالي ، الذي يقدم لأنظمة الشرق الاوسط اسس البقاء ، هذه التجارة تدر ارباحا طائله على الكيان اكثر بعشرات المرات من التجارة العادية ، وكون اسرائيل كيانا غير مقبولا لشعوب الجوار العربي فان حكومات الاحتلال تقيم علاقات بنيويه طبقيه اي علاقات مبنيه على الامن الطبقي المشترك مع نظيراتها من بعض الأنظمة العربية والأفريقية .
وتتمثل هذه التجارة في مستوين رئيسين:
المستوى الاول :- يتمثل في الشركات الإسرائيلية التي تعمل في مجالي الامن والحماية وتديرها جهات رسميه وشبه رسميه إسرائيلية . معلومات تفيد عن وجود اكثر من ٣٠٠شركه عالميه تساهم اسرائيل في معظمها موزعة في دول العالم تساهم بالعمل الامني بالتعاون مع منظمات وحكومات في اكثر من سبعين دوله ومنها دول عربيه عديده . كما انها تعمل بالضفة الغربية على حواجز التفتيش ونقاط المعابر المختلفة . وان معدل دخل هذه الشركات عشرات المليارات من الدولارات.
كان للثورات والاضطرابات التي عاشتها الدول العربية تحت مسمى (الربيع العربي) بيئة خصبه لنشاط تللك الشركات حيث وجدت اسواقا واستثمرت الاوضاع لصالحها فبدأت بتجنيد المقاتلين من المرتزقة ونقل العناصر الإرهابية من مكان الى اخر ونقل وتهريب السلاح لتعميق تلك الاضطرابات وهو هدف اسرائيلي معروف.
يقول يوسي ميلمان يعمل في شركه (اي جي تي) ان هذه الشركة تعمل في اكثر من بلد عربي مثل دول الخليج والسعودية ولبنان واليمن ، والسلطة الفلسطينية ويشير جون دي مايكلز يعمل في شركة أمريكية إسرائيلية في هذا المجال ، ان الترابط الذي يجري بين شركات الامن والحكومات العربية يعمل على تجنيد خبراء للإعلام ومدهم بكل اسباب الاحتراف السينمائي واستغلال التباينات التاريخية لخلق روايات بديله واضفاء الشرعية عليها في الممارسة العملية ولعل موجه التشويه التي يقوم بها بعض الأشخاص من دول الخليج العربي ضد القضية الفلسطينية هي نتاج ذلك . وفي معرض رده على المهام التي تقوم بها تلك الشركات تتمثل بالتدريب ومهام قتاليه خاصه واصلاح الهياكل الأمنية في تلك الدول واداره الحروب الالكترونيه وجمع المعلومات وتحليلها وتوظيفها وتوفير المقاتلين من المرتزقة وتوزيعهم.
المستوى الثاني :- الامن السيبراني وتشكل هذه التجارة احد قطاعات الاعمال الرئيسية في اسرائيل والتي تجني من ورائها اكثر من ٢٠٪ من مجمل الاستثمارات المالية وتصدر اكثر من خمسه مليارات دولار سنويا خدمات وتجهيزات ذات صله سواء كان مباشر الى الدول العربية او عبر وسيط اروبي فرعي وهذه المنتجات ساعدت السعودية ودول الخليج العربي على التعامل مع تحديات امنيه حساسة للغاية ، وان جميع هذه القدرات التي تنطوي عليها هذه الخدمة قد استخدمت في عمليات قمع داخليه للمعارضة .
اخذت هذه الشركات على عاتقها اعمال التجسس وجمع المعلومات الاستخبارية وتحليلها والتدخل بالمعلومات للتأثير على القرار والاجراءات المتخذة اتجاه اي هدف لا ترضى عنه اسرائيل او يتعارض مع مصالحها .