القاهرة – محمد جودة: سجلت فلسطين حتى ظهر اليوم الثلاثاء،41 إصابة بفيروس كورونا المستجد، 37 منها في مدينة بيت لحم حيث كانت أول مدينة فلسطينية يتم اكتشاف الفيروس بها، وإصابتان في طولكرم وواحدة في رام الله وأخرى في أريحا.
ومع سرعة انتشار الفيروس القاتل في أكثر من 158 دولة حتى الآن بعد أن كانت بداية اكتشافه في الصين، فإن الأراضي الفلسطيني ليس بمعزل عن العالم الموبوء، ومع تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في دولة الاحتلال الإسرائيلي، سارعت فلسطين لاتخاذ عدد من الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس، حيث أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حالة الطوارئ، فيما اتخذت وزارتا الصحة والتعليم بالتعاون مع "أونروا" سلسلة خطوات إضافية بينها إغلاق المؤسسات التعليمة والمقاهي وتقليل تعداد الموظفين في الدوائر الحكومية والقطاع الخاص وفرض الحجر الصحي للعائدين إلى أرض الوطن مع وقف دخول السياح والأجانب إلى الأراضي الفلسطينية وتشكيل لجان مشتركة لمتابعة هذا الفيروس القاتل والحد من انتشاره في كافة المدن الفلسطينية بما فيها قطاع غزة.
ففي قطاع غزة كان الأمر مشابها لمدن الضفة من حيث شمول حالة الطوارئ والالتزام الكامل بإغلاق المؤسسات التعليمة وتشكيل لجان مشتركة لإدارة الأزمة رغم خلو القطاع من أي إصابة.
أصدرت الصحة في قطاع غزة سلسلة من الإرشادات الوقائية وبتوصيات من منظمة الصحة العالمية، وباشرت بإعداد مكان للحجر الصحي للعائدين إلى القطاع من الخارج، من أجل وضعهم في الحجر الإجباري لمدة 14 يوما، رحب المواطنون بالإجراءات المتخذة فور الإعلان عنها، "وسرعان ما انتابهم السخط والغضب الشديدين بعد انتشار صور لمكان الحجر الذي أعدته وزراة صحة غزة، حيث قامت صحة غزة بتحويل مدرسة مكانا للحجر الإجباري، وبحسب ما أظهرت الصور وأفاد شهود عيان ممن تم حجرهم داخل مدرسة، فإن عشرة أشخاص يتم وضعهم داخل فصل دراسي بعد افتراشه بفرشات على الأرض دون أسرّة، مرصوصة بجوار بعضها البعض لا يفصل بين الواحد والآخر أكثر من نصف متر، مع توفير حمام مشترك لكل غرفة.
هذه الصور أثارت غضب الغزيين وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين الصحة والجهات المسؤولة بتوفير مكانا أكثر آدمية وكرامة وإنسانية لشعب مناضل لديه كرامة يفوق علوها عنان السماء، لا يليق به أن يوضع بفصول دراسة ويفترش الأرض، كما وأن مشهد الحروب الثلاثة على قطاع غزة يعيد نفسه، حين افترش نصف أهل القطاع المحاصر مدارس القطاع هربا من طائرات الاحتلال القاتلة.
القيادي بحركة فتح توفيق أبو خوصة، عبر عن هذا المشهد من خلال صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قائلا: "في زمن الكورونا، الصين قامت ببناء مستشفي في مدينة "ووهان" خلال عشرة أيام سعة ألف سرير، في غزة إنشاء فندق 7 نجوم يتسع لعدد ألف نزيل وتجهيزه بكل الخدمات الفندقية اللازمة خلال 24 ساعة كمقر للحجر الصحي للعائدين من معبر رفح الحدودي، يا خيبة الخيبات، ناموا على كراريس التلاميذ والحصر والبلاط، وكل 8 أفراد في صف مدرسي، والطعام لا يليق بمعتقلين وبدون حمامات للاغتسال، لو واحد من العائدين مصاب بالفيروس اللعين سلامة تسلمك على الباقي رجال ونساء و أطفال، الفلسطيني عزيز كريم لا يهون ولا يهان، لو تم حجزهم في الأمن الداخلي كان أهون بلاء، فلسطين تستحق الأفضل.
من ناحيته قال الناشط الشبابي عامر بعلوشة ساخرا من مشهد وواقع غزة قائلا عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "المدرسة للحجر الصحي"، والأستاذ بالسجن، هذا ملخص صغير لوضع التعليم بغزة.
في ذات السياق قال الدكتور أحمد حسني، إن التوجه نحو الحجر الصحي (الإلزامي) في غزة خطوة في الاتجاه الصحيح ولا سيما في ضوء عدم التزام عدد كبير من القادمين بالحجر المنزلي، ولكن ظروف الحجر الإلزامي في مدرسة غسان كنفاني لا تتماشى مع الحد الأدنى من معايير الوقاية والسلامة، مطلوب أماكن آمنة وصحية حتى لا يصبح مكان الحجر الذي يعول عليه في الحماية من انتشار مفترض للفيروس .. بؤرة للوباء.
من جانبه قال الناشط محمد الشيخ يوسف، الحجر الصحي في غزة داخل مدرسة، ومشهد الفراش المرصوص جنب بعضه، ومحاولة ترتيبه بطريقة فيها تلفيق هو مشهد محزن حقيقة، محاولة هاي المنطقة المنكوبة أنها تعمل أي شي بالتوازي مع تخصيص دول العالم للمليارات كي تكافح الوباء وتوفر سبل العناية المناسبة، بتيجي غزة بتعمل حجر صحي في مدرسة وراصة فرشات مزركشة ع الأرض تحت شبابيك مكسرة. بخليك تحس أنه قديش هاي البلد منكوبة مش بس بوضعها لا منكوبة بإدارتها الي بتدعي أنها بتعمل شي، في الوقت الي هي قديش الي بتعمله هبل قديش كمان منظر بيحزن أنه الناس عايشة تحت هيك إدارة بتستسهل وبتتعامل مع الوضع بمنطق استعلاء وجهل، والأسوأ هو إعجابها بنفسها أنها بتعمل شي.
وتبقى حالة الغضب والجدل قائمة على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا بين نشطاء قطاع غزة أمام الأماكن غير الصحية التي يحتجز بها العائدون لغزة من الخارج، في ظل صمت وعدم تعليق من قبل السلطات المسؤولة في قطاع غزة ومن بينها الصحة.
فهل تستجيب الجهات المسؤولة في قطاع غزة لتوفير مكان أكثر آدمية وإنسانية في الأيام القادمة للحجر الصحي رغم عدم تسجيل أي إصابة في القطاع للفيروس القاتل؟
سؤال يبقى مفتوحا من شعب يقاوم ويناضل من أجل كرامته قرابة 72 عاما، وقادم الأيام ستجيب.