ظاهرة سياسية نادرة، أن يستمر شخص أدين بعدد من تهم فساد رئيسا لحكومة، ولا يكتفي بذلك، بل يذهب لتعيين شخصيات أخرى، متهمة بالفساد، يتبارون أي فاسد منهم أكثر من الآخر.
كل الصفات لصقت ببنيامين نتنياهو، وآخرها "ملك الفساد" ورئيس حكومة الفساد، ذهب هذا بعد إدانته بتعيين عدد من الوزراء مدانين تماما بالرشوة والفساد، عين لمنصب وزير الزراعة النائب دافيد بيتان، "رغم حقيقة أن الشرطة أوصت في آذار بتقديمه الى المحاكمة بتهمة أخذ رشوة في 12 قضية مختلفة"، وكان نتنياهو عين نائب الوزير يعقوب ليتسمان وزيرًا للصحة، رغم حقيقة أن الشرطة أوصت قبل خمسة أشهر بتقديمه الى المحاكمة بتهمة الرشوة، التحايل وخيانة الثقة.
صحيفة "هآرتس" العبرية لخصت المشهد بـ " ...وفي ضوء حقيقة أن رئيس الحكومة بجلالته متهم بمخالفات الرشوة، التحايل وخيانة الثقة – فلا يمكن لنا الا أن نعترف بأن منطق بيتان ينطبق تمامًا. إذا كان نتنياهو، درعي وليتسمان يمكنهم، فلماذا لا يمكن لبيتان؟ هكذا هو الحال حتى يصبح الفساد نمطًا سلطويًا سائدًا".
ولذا لم يكن مفاجئا ابدا، ان يكشف استطلاع رأي جديد أظهر، أن أغلبية الإسرائيليين، يعتقدون بأن "قيادتهم فاسدة جدا".
وقال معهد ديمقراطية إسرائيل (غير حكومي) إن 58٪ من الإسرائيليين، يعتقدون بأن قيادتهم "فاسدة أو فاسدة جداً"، فيما قال 24٪ إنهم يعتقدون أن هذه القيادة "فاسدة نوعاً ما"، بمقابل 16٪ قالوا انها ليست فاسدة، و2٪ لم يملكوا رأياً محدداً.
نتنياهو، وحكومته تنال من ألقاب الفساد ما لم ينله غيرها، لكنها تتصرف وكأن الأمر غير ذي صلة بها، بل ويجول في كل مكان بالعالم، دون أن يشعرك انه "كومة فساد"، بعيدا عن سخرية البعض أن ما لحقه من تهم لا تذكر مقابل فساد البعض في بلادنا، لكن القانون العام لا يضع "قانونا" لفاسد كبير وآخر صغير، بل للفاسد أي كان مقداره وطبيعته.
لو كان الوضع الفلسطيني أكثر "صحية"، واقل فسادا في المؤسسة الحاكمة الرسمية في بقايا الوطن بجناحية شمالا وجنوبا، لأصبحت حكومة الفساد هدفا سياسيا مباشرا، خاصة وانها أحكام وتهم قضائية وليس استنتاجات وتخمينات، عززها استطلاع رأي يعلن أن "قيادتهم فاسدة جدا".
هل فساد المؤسسة الرسمية الفلسطينية يمنع القوى المجتمعية من الاستفادة مما كشفته وسائل الإعلام العبرية، خاصة هيئات ملاحقة الفساد والشفافية وكذلك مقاومة الاستيطان، هل أن حكومة فاسدة مرتشية لا تمثل خطرا على المشهد السياسي في المنطقة، وكيف لها ان لا تعمل على تغطية ذلك بالذهاب الى ارتكاب "جرائم حرب" بأشكال مختلفة، وخاصة بفتح باب الاستيطان واسعا والعمل على ضم أراضي وتسريع حركة التهويد في الأرض الفلسطينية وتحديدا بالضفة والقدس والأغوار.
حكومة فاسدة جدا، مقدمة على انتخابات تراها مصيرية، ستعمل كل ما يمكنها للهروب من فساد الى افساد مستقبل الفلسطيني لتعزيز عناصر "الفاشية الجديدة" المرتبطة بقتل مستقبل شعب ونهب أرضه وحركة تهويد غير مسبوقة. تتطلب مواجهة موسعة جدا كي لا تصل الى غايتها، خاصة في ظل التطورات الأمريكية الإيرانية، التي قد تجدها الحكومة الفاسدة جدا فرصتها لتكريس مخططها "الفاشي الجديد".
نعم، وجب تحديث تعريف "الفاشية" بانه ليس ما يتعلق بجرائم ضد انسان فحسب، بل ما يتعلق بالأرض والهوية والهدف الوطني، فهي جرائم حرب يجب أن تدرج ضمن التعريف الحديث للفاشية بتعريفها القديم.
ولأن الرئيس محمود عباس لا يبحث "مواجهة خشنة" مع العدو القومي الاحتلالي، وحدد إطار المقاومة التي يريدها بـ "المقاومة الناعمة"، تطويرا لما سبق اختراعه من "مقاومة ذكية"، فهل له أن يستخدم "الناعمة والذكية" في مواجهة "الفاشية الجديدة"...سؤال لا يكلف كثيرا لكنه يحتاج الى قرار!
ملاحظة: حماس قامت باختراع شكل جديد للهروب من الوفاء بما عليها للموظفين، قررت فتح "التبرع الاختياري"...صراحة مخترع بدها عليه جائزة كبرى من نوع "شنط محمد"!
تنويه خاص: هاجم الحاخام الأكبر في إسرائيل يوسف المهاجرين اليهود من أصول روسية، ونعتهم بالـ "أغيار" وشيوعيين يكرهون الديانة اليهودية. طيب هيك يهودي بيكره يهودي معقول ما يكره كل عربي ..يا أنصار التطبيع !