قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن "إسرائيل" تعمل بشكل منهجي على إخراج مستشفيات شمال قطاع غزة بالقوة عن الخدمة، من خلال الاستهداف المباشر والمتكرر، وفرض حصار خانق، وقتل وإصابة واعتقالهم المرضى والجرحى والطواقم الطبية، في إطار سعيها لتدمير آخر مقومات الحياة المتبقية اللازمة للنجاة.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي في بيان له، يوم الجمعة، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي واصلت هجماتها ضد المدنيين في مشروع بيت لاهيا شمالي غزة في وقت مبكر فجر اليوم، وشن غارات عنيفة استهدفت المنازل والشوارع قبل أن تحاصر مستشفى كمال عدوان، الذي لا يزال يعمل بشكل جزئي مع مستشفيين آخرين في شمالي القطاع.
وأضاف المرصد أن فريقه الميداني وثّق قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي باستخدام معتقلين فلسطينيين كدروع بشرية وإرسالهم تحت التهديد إلى المستشفى، لإبلاغ إدارته بضرورة خروج جميع النازحين ومرافقي المرضى منه إلى ساحة المستشفى، والتوجه نحو منطقة تتمركز فيها القوات الإسرائيلية، وعند وصولهم، اعتقلت القوات عددًا منهم وأجبرت البقية على النزوح قسرًا باتجاه حاجز الإدارة المدنية ومنه إلى مدينة غزة.
وذكر المرصد الحقوقي، أن قوات الاحتلال أجبرت أيضًا الوفد الطبي الإندونيسي المتطوع في مستشفى كمال عدوان، على الخروج منه دون سياراتهم التي قدموا بها.
واستمر العدوان الإسرائيلي في محيط مستشفى كمال عدوان لعدة ساعات، قبل أن ينسحب جيش الاحتلال من المنطقة، ليتبين وجود ما بين 30 إلى 50 شهيدًا في الشوارع والمنازل المجاورة للمستشفى.
وأكد شهود أن عمليات البحث عن شهداء ومصابين في محيط المستشفى ما تزال متواصلة، ما يرفع التوقعات بزيادة أعداد الضحايا في المنطقة.
وأفاد مدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، بأن الوضع داخل المستشفى وحوله كارثي، وأن هناك عددًا كبيرًا من الشهداء والجرحى، بينهم 4 من الكوادر الطبية في المستشفى الذي لم يتبق أي جراحين فيه.
ووفق توثيق المرصد، جاء الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مستشفى كمال عدوان بعد أقل من 24 ساعة على إسقاط طائرات "كواد كابتر" التابعة للاحتلال قنابل على المستشفى، مما أسفر عن استشهاد الطفل محمود أبو العيش (16 عامًا)، الذي استُهدف وهو على كرسي متحرك أثناء توجهه إلى قسم الاستقبال والطوارئ في المستشفى طلبًا للرعاية الصحية.
كما أسفر العدوان الإسرائيلي عن إصابة 12 مواطنًا من المرضى والمرافقين والطواقم الطبية.
وتعرض المستشفى خلال الأسبوع الماضي لأكثر من 10 استهدافات مباشرة، أسفرت عن إصابة أكثر من 22 مواطنًا، من بينهم عدد من الطواقم الطبية.
وأكد الأورمتوسطي أن قوات الاحتلال قصفت أمس الخميس، المستشفى الإندونيسي في جباليا شمالي غزة، حيث استهدفت خزانات المياه، وتسببت بإصابة ثلاثة من مرافقي المرضى، فيما سبق ذلك استهداف مستشفى العودة في جباليا وقصف طوابقه العلوية.
وشدد الأورومتوسطي على أن استهداف المستشفيات في شمالي غزة، التي تعمل بشكل جزئي وتقدم خدمات محدودة في ظل منع الأدوية والأدوات الطبية عنها، ويعمل فيها طاقم طبي وإداري مستنزف من طول الخدمة وكثرة الحالات الواردة من المرضى والمصابين، وسط حالة من التجويع على مدار أكثر من شهرين، يبرز سعي "إسرائيل" المستمر لإخراج هذه المستشفيات عن الخدمة بشكل كامل للقضاء على فرص النجاة والبقاء للفلسطينيين هناك.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي مستمر في عملية تهجير سكان شمال غزة قسراً، وأقدم يوم أمس على مهاجمة عدة مراكز إيواء في بيت لاهيا وأجبر آلاف النازحين على النزوح قسراً باتجاه مدينة غزة.
كما أكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل عمليات التدمير والنسف وقصف المنازل على رؤوس ساكنيها في أحياء شمال غزة، لقتل وتهجير من تبقى من السكان وتدمير شامل للمحافظة، بحيث لا تعود صالحة للعيش سواء حاليا أو مستقبلا.
وطالب الأورومتوسطي طواقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية باتخاذ الإجراءات كافة اللازمة للوصول إلى مستشفيات شمال غزة، وتأمين الأدوية والمستهلكات الطبية والغذاء والطواقم الطبية، والاضطلاع بمسؤولياتها لتأمين حماية المرضى والجرحى والطواقم الطبية، وإمدادهم بالمساعدات الإنسانية.
كما شدد على ضرورة قيامهم بإصدار مواقف علنية، كحد أدنى، استنادًا إلى مبادئ عملهم، بشأن الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، خاصة أن هذه الانتهاكات تتكرر بشكل خطير ومتسارع منذ أكثر من عام، في ظل فشل جميع الجهود والمحادثات التي تدعو لوقف الجرائم الإسرائيلية، بما في ذلك تلك التي تجريها اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وجدد المرصد الأورومتوسطي، دعوته إلى جميع الدول والأمم المتحدة بتنفيذ التزاماتها القانونية الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وفرض حظر أسلحة شامل على "إسرائيل"، ومساءلتها ومعاقبتها على جرائمها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، ومنع تهجيرهم قسرًا وضمان عودتهم إلى مناطق سكناهم، والافراج عن المعتقلين الفلسطينيين كافة الذين تم اعتقالهم تعسفًا.
كما طالب بإدخال كل أشكال المساعدات الإنسانية الغذائية وغير الغذائية، وبخاصة المنقذة للحياة، على وجه السرعة ودون عوائق وبما يلبي احتياجات سكان قطاع غزة كافة، وخصوصًا في مناطق الشمال، وضمان انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من كامل القطاع.