- اشتباكات مسلحة بين مقاومين وقوات الاحتلال المقتحمة لبلدة يعبد غرب جنين
- استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة داخل مخيم عسكر القديم شرق نابلس
- قوات الاحتلال تفجر باب أحد المنازل تمهيدا لاقتحامه في مخيم عسكر القديم شرق نابلس
إليكم بعض أنواع برامج التسلية الإعلامية المستحدثة في زمن حروب التدمير والإبادة، وهي برامج إعلامية حربية مخصصة للسهرات المسائية، مخصصة للبعيدين عن مراكز الأحداث، هذه البرامج هي برامج كمبيوترية ينفذها خبراء في الرقميات، يتولى محللون (استراتيجيون) تطبيقها على ميدان المعركة!
هؤلاء الخبراء الظرفاء يصنعون من الأحداث المفجعة أفلاماً كمبيوترية للتسلية والإدهاش، على الرغم من أن كل أحداث حرب الإبادة لا تزال مغلفة بستائر السرية، هؤلاء الإعلاميون يفردون خرائط ألعابهم الرقمية على الشاشات الفاخرة، يصوغون منها ألعاب فيديو تماثل ألعاب الأتاري السابقة، ثم يأمرون دباباتهم وطائراتهم الرقمية أن تتحرك وفق برنامج الصور الرقمية، ويشرعون في تحريكها على الشاشات الفضية، ويختارون اتجاه سيرها، وهم في الحقيقة مؤمنون بأن خطة سيرها ليست سرية فقط، بل هي غير معروفة حتى لكثيرين من الجنود المشاركين فيها!، هؤلاء الإعلاميون خبراء التسالي الإعلامية لا يكتفون بذلك، بل إنهم بسرعة البرق يُلبِسون المقاومين زي الدُمى الإلكترونية، يصفون سلاحهم ويجعلونه سلاحاً بتاراً صارماً لتضخيم المشهد ولمزيد من الإثارة والتشويق، ينشرون صورهم الشخصية الغاضبة العابسة على شاشاتهم لإحداث (الأكشن المشوق) لغرض التسلية، وهم في الوقت نفسه يتجاهلون آلاف ضحايا هذا الإجرام، ويكتفون بشذرات ضئيلة من أخبار المجازر والدمار والقتل في نهاية نشراتهم الإخبارية، حتى لا تُفسد هذه المجازرُ تسالي السهرة الإعلامية المشوقة!
وفي الإطار نفسه هناك مصطلح إعلامي جديد يخدم برامج التسلية الإعلامية ويمنحها تشويقاً وغموضاً، هذا المصطلح الجديد طغى على كل المصطلحات الإعلامية الدقيقة، هذا المصطلح هو (يستهدف استهدافاً، إذن فهو مستهدف)! هذا المصطلح أصبح هو المصطلح الرئيس في إعلام التسلية، صار يعني عند غالبية المتابعين تدمير كل مقدرات العدو وقوته وجيشه ومقراته! وصار(استهداف) قذيفة من راجمة صواريخ يطلقها مناضل وسط شجرتين، يعني أن هذه القذيفة وصلت غايتها ودمرت كل مقدرات الأعداء، واستبعدوا الكلمات الدقيقة للتعمية على جهلهم بنتائج الاستهداف لزيادة التشويق، استبعدوا تعبير؛ القصف، والتدمير، والتفجير، والقتل.
كما أن إعلام التسلية صار يقيس خسائر العدو بعدد صفارات الإنذار التي تنطلق بعد إطلاق الصواريخ، ولمزيد من الإثارة يستخدمون تعبير صفارات الإنذار (تدوي) في سماء الأعداء، وليس تُطلق، لأن للدوي مفعول السحر والإثارة، فهو يشبه دوي القنابل المتفجرة!
للأسف، تأثر بعض المقاومين كذلك ببرامج التسلية الإعلامية، أي أنهم وقعوا في فخ فضائيات التسالي، لذلك فإنهم شرعوا يصورون (فيلم الاستهداف العسكري والحربي) وفق طقوس أبرزها؛ يلبس المناضل قميصاً أو بلوزة عليه شعار فصيله الحزبي، وليس علم فلسطين، ويشرع في تنفيذ طقس إطلاق الصاروخ، بدءا بتلاوة آيات من القرآن الكريم، وانتهاء بإهداء عملية إطلاق الصاروخ إلى (قائد الحزب)!
سأظل أذكر أن أحد المقاومين ممن كان يضع الصاروخ في فوهة القاذف وإلى جواره كوب من المشروب قال: «هذا (الاستهداف) لأجل عيون القائد الفذ المغوار»!
ومن أشهر تقارير المراسلين الصحافيين ممن استسلموا لحالة التسلية الإعلامية؛ أنهم يبدؤون تقاريرهم اليومية بالوقوف على أطلال البيوت المهدومة، والجدران المحروقة وبقايا أجساد الشهداء، يبدؤون تقريرهم بعزف أنشودة التنديد والتشهير الإعلامي بالعنصريين المحتلين المجرمين، منفذي مجازر الإبادة، لأنهم لا يُراعون إلَّا ولا ذمة، لأنهم ينتهكون حقوق الإنسان، وكرامة النساء، ويخرقون القوانين الدولية، وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة، هذه المقطوعة هي الركن الرئيس الأول، أما الجزء الثاني الغريب العجيب من مقطوعة الوقوف على الأطلال فهو اتهام المحتلين بالخداع والكذب، لأن المحتلين العنصريين لم يفوا بعهودهم! فهم قد وعدوا المدنيين الفلسطينيين بأنهم سيكونون آمنين في مواصي خان يونس ورفح! فلماذا إذن يخلفون وعودهم؟! يا الله! على هذه النتيجة المستخلصة في كل وسائل الإعلام!
تصوروا أن إعلامياً كبيراً ومحللاً صنديداً اكتشف فجأة أن الاحتلال يكذب ويخدع! اكتشف هذا الإعلامي أن من ينفذ هذه الإبادة الجماعية ليس صادقا! تصوروا أن من يذبح الأطفال في مدارس اللجوء، ويغتال الحياة كلها في غزة ويقصف مدرسة مكتظة بالأطفال الأبرياء، ويهدم مستشفى لم يفِ بوعده!
للأسف فإن هذا الاكتشاف الخطير! انتقل من أفواه الإعلاميين إلى البسطاء المقهورين المهجرين المنكوبين، وأصبحوا عندما يواجهون كاميرات التصوير يرددون: ألم يقل لنا المحتلون: ستكونون آمنين في مكانكم الجديد؟!
ويدخل في إطار التسلية اكتشاف جديد عند بعض المحللين والخبراء الخارقين العارفين؛ أن أميركا تشارك إسرائيل في عدوانها، متناسين أن قاذفات الموت هي أميركية وقنابل الدمار هي كذلك!!
ولن أنسى أيضاً أن فضائيات التسالي الإعلامية تتيح المجال لقادة المحتلين وناطقيهم العسكريين، وتقطع إرسالها لبث ما ينشره هؤلاء المحتلون! والأسوأ من هذا كله أن هناك فضائيات عربية تبث أوامر إخلاء البيوت والممتلكات وتسهم بصورة مباشرة في تهجير الأبرياء!
هكذا تحول إعلام المآسي والكوارث والحروب من إعلام توعية وإرشاد وتوجيه، إلى إعلام للسهرات والتسلية!.