لكون إسرائيل صوتت في الأمم المتحدة، في شهر مايوم الماضي، ضد قرار إعلان يوم عالمي لإحياء مذبحة سربرينيتشا في سراييفو، فإن بلغراد اعتبرت ذلك نوعاً من الدعم وسارعت إلى فتح جسر جوي لتزويد إسرائيل بالسلاح بحكم أن مجرمي الحرب وآبائهم وأبنائهم وأحفادهم، يتضامنون.
طبيعي أن يكون نتنياهو في ذروة حرب الإبادة التي يشنها على أطفال فلسطين وأسرهم، صاحب مصلحة في إنكار أن الصرب ارتكبوا مجازر تراوحت تقديرات ضحاياها بين 146 ألف و 220 يرقدون الآن في 81 مقبرة وينتمون الى 300 قرية قُتل أهلها ونُهبت دورهم وممتلكاتهم. فقد كان طبيعياً أن ينكر مجرم الحرب نتنياهو أن هناك ضحايا قتلوا ظلماً. فهو يحتقر الحقائق ويستخف بالرأي العام الدولي وحتى بالرأي عالم الإسرائيلي وله من الاستهتار بالروح الإنسانية أضعاف ما لتنظيم داعش.
ذلك على الرغم من أن الولايات المتحدة تعاطفت مع الضحايا المسلمين البوسنيين وهاجمت الصرب بطائراتها وطائرات حلف شمال الأطلسي، وعلى الرغم من أن محكمة العدل الدولية سجنت مجرم الحرب الرئيس الأسبق رادوفان كراديتش، بعد 13 سنة من التخفي ببطاقة وجواز سفر مزور. حكمت عليه بالسجن 40 سنة ورمته في السجن التابع لها في لاهاي بهولندا، بعد أدانته في 11 تهمة إبادة جماعية، من بينها ترحيل عشرات الآلاف من الكروات في عملية تطهير عرقي لإقامة دولة صربية في البوسنة، وقد ظل في السجن حتى نَفق سنة 2006.
في مجزرة سربرينيتشا وحدها في البوسنة، قتل المجرم المذكور ثمانية آلاف مسلم ومسلمة، وهذا عدد لا يكفي الصهيونية النازية شهراً واحداً في غزة، ويمكن تعويض بعض الناقص، من الـ 146 ألف مسلم ـ على الأقل ـ الذين أحيلت جثامينهم الى 81 مقبرة جماعية.
غير أن شعب البوسنة، كان محظوظاً أكثر من الشعب الفلسطيني في أمرين: الأول أن أمريكا انحازت الى البوسنيين لاهداف استراتيجية، والثاني أن رادوفان كراديتش هرب من هول جرائمه، 13 سنة بينما نتنياهو ما يزال يحكم وأمريكا تتلقى منه الإهانات!
فتح الصرب جسراً جوياً لإمداد الصهيونية النازية بالسلاح والذخائر، وفي هذا الأمر وحده، هناك قرينتين: مجرومو الحرب يتساندون، وأمريكا التي على الجانب الآخر، في الأمم المتحدة، لتكريس الإدانة التاريخية للصرب، بينما هي الآن، في جانب الصهيونية النازية التي تفعل ما فعله الصرب وبشكل أوقح!