القاهرة: مجددا تتجه الأنظار نحو العاصمة القطرية الدوحة، حيث سيتم غدا الخميس عقد جولة جديدة من مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة وسط مخاوف من انهيارها بسبب الشروط التي يضعها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو
جولة جديدة
وتأتي الجولة بعد أسبوع من إصدار قادة الولايات المتحدة ومصر وقطر بيانًا مشتركًا يطالب دولة الاحتلال وحركة حماس بالعودة إلى محادثات وقف إطلاق النار، فيما تعتزم الإدارة الأمريكية تقديم إطار جديد للصفقة وممارسة ضغوط شديدة على الأطراف للموافقة الفورية على مبادئ المخطط.
بذلت أطراف الوساطة الدولية والإقليمية محاولات عديدة منذ الأشهر الأولى للحرب، لكن نتنياهو أفشلها عبر وضع المزيد من الشروط والمطالب التعجيزية.
الفرصة الأخيرة
من جانبها، وصفت وسائل إعلام الاحتلال اجتماع الغد بأنه "لقاء الفرصة الأخيرة لإعادة الأسرى أحياء"، وفي بيان أصدره البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي نيابة عن بايدن وقادة قطر ومصر، جاء فيه "نحن، الوسطاء، مستعدون إذا لزم الأمر لتقديم عرض نهائي لحل القضايا المتبقية فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق بطريقة تلبي توقعات جميع الأطراف."
نجاح الاتفاق الأول
وبادلت الفصائل الفلسطينية 105 من المحتجزين الإسرائيليين وبعضهم عمال أجانب، بالعديد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، خلال هدنة إنسانية مؤقتة استمرت 7 أيام، وانتهت مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023.
وبينما تتحدث دولة الاحتلال عن بقاء 121 أسيرا من هؤلاء بأيدي الفصائل، تؤكد الأخيرة مقتل عشرات منهم بالغارات على القطاع.
وسبق أن وافقت الفصائل الفلسطينية في 6 مايو على مقترح اتفاق لوقف الحرب وتبادل الأسرى طرحته مصر وقطر، لكن إسرائيل رفضته بزعم أنه "لا يلبي شروطها".
ويتظاهر عدد كبير من الإسرائيليين ضد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، مطالبين بإبرام هدنة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وإعادة المحتجزين.
محوري نتساريم و فيلادلفيا
وضع نتنياهو شرط يتعلق في بقاء قوات جيشه في محور نتساريم والذي يفصل جنوب قطاع غزة عن شماله، وبذلك عرقل جهود الوسطاء في إبرام صفقة تبادل ووقف الحرب.
واشترط نتنياهو بقاء جيشه في محور فيلادلفيا الذي يبلغ طوله 14 كيلومترا، ويفصل بين الأراضي الفلسطينية بقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، وتم السيطرة عليه في 29 مايو/ أيار الماضي.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي مشارك في المفاوضات، أن لدى إسرائيل مطالب تعلنها لأول مرة، منها السيطرة على محور فيلادلفيا والتأكيد على غياب حماس في معبر رفح.
أسماء الأسرى
ذكرت إذاعة جيش الاحتلال أن نتنياهو يطالب بمعرفة أسماء المحتجزين الـ33 الذين سيُفرج عنهم في المرحلة الأولى من الصفقة، وله حق الاعتراض على الإفراج عن أسماء الأسرى الفلسطينيين الوازنين بهذه المرحلة، وهو ما يعني نسف الجهود السياسية المبذولة.
عودة النازحين
وتشكل الطريقة التي سيعود بها النازحون الفلسطينيون إلى منازلهم في شمال غزة خلال وقف إطلاق النار نقطة خلاف، حيث قالت إسرائيل إنها لن توافق على وقف إطلاق النار إلا إذا تمكن جنودها من فحص الفلسطينيين العائدين بحثا عن أسلحة في أثناء انتقالهم من جنوب غزة إلى شمالها.
نتنياهو يعرقل
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، د. أيمن شاهين إن "المفاوضات بشكل عام هدفها الوصول إلى تسوية وتتطلب تنازل من الأطراف المتنازعة، ولكنني اعتقد أن نتنياهو ليس معنيا بإنجاز الاتفاق لأنه يحتاج المزيد من الوقت حتى موعد الانتخابات في مايو 2026".
وأضاف، أن "استطلاعات الرأي الإسرائيلية تشير إلى أن الوضع الانتخابي لحزب الليكود ليس بأفضل حالته ولا يمكنه الحصول سوى على 24 مقعدا في حين حصل سابقًا على 30 مقعدا"، منوهًا إلى أن أحداث الـ7 من أكتوبر تسببت في خسارة الليكود لمقاعده لذلك يراهن نتنياهو على المزيد من الوقت.
وتابع د. شاهين، أن "التدمير في غزة يزيد من نسب التأييد لنتنياهو، وذهابه إلى صفقة سيؤدي إلى تشكيل لجنة للتحقيق في إخفاق السابع من أكتوبر وسيتم إدانته وتقديمه للمحاكمة".
المقترح الأمريكي
وأشار إلى أن نتنياهو يبدي رغبته في التوصل إلى صفقة في حين يضع العراقيل، موضحًا، أن " المقترح الأمريكي هو بالأصل إسرائيلي تسلمه بايدن من الحكومة الإسرائيلية وتم تبنيه من مجلس الأمن الدولي".
وأكد د. شاهين على أن نتنياهو لا يريد الوصول الى تسوية وكلما اقترب يضع شروطا، قائلًا " نتنياهو يعمل بفكرة زعيم الليكود السابق إسحاق شامير الذي قال جملته المشهورة عند الذهاب لمؤتمر مدريد - سأفاوض الفلسطينيين والعرب 10 سنوات ولن أصل إلى نتيجة، وهو من عرقل استكمال مفاوضات اتفاقية أوسلو".
توسيع الصراع
وفيما يتعلق بحركة حماس، قال، إن "الحركة قدمت ما عليها، ورغم أنها طلبت ضمانات أمريكية مصرية قطرية لتضمن استمرار المفاوضات خوفا من مراوغة نتنياهو، تنازلت في سبيل التوصل إلى اتفاق".
ونوه إلى أن إيران وحزب الله امتنعتا عن الرد على اعتداءات الاحتلال بحقهما في سبيل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، موضحًا، أن " نتنياهو يريد أن يجرهما لحرب إقليمية، وبذلك يحقق مصلحته".
وتوقع د. أيمن شاهين أن يواصل نتنياهو إصراره على مواصلة العدوان ووضع العراقيل أمام التوصل إلى اتفاق.