- مراسلنا: استشهاد رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى كمال عدوان في قصف إسرائيلي شمالي قطاع غزة
خلال المظاهرات التي هزت أركان دولة الكيان الاحلالي ما قبل 7 أكتوبر 2023، وهددت للمرة الأولى "وجودها" تحت خطر نشوب "حرب أهلية" بدأت ملامحها تطل عبر انتشار أسلحة "غير شرعية"، كان موقف المؤسسة الأمنية أقرب للمعارضة منها للتحالف الحاكم، كونها باتت تمثل تهديدا استراتيجيا يفتح الباب لـ "الصراع الداخلي".
وجاء حدث 7 أكتوبر ليحرف المسار بطريقة "غير تقليدية" لخلق واقع سياسي جديد، لم يقف عند حدود دولة الكيان، بل طال المنطقة بكاملها، ويوما بعد آخر تتكشف حقيقة "الحدث الكبير"، بأنه لم يكن مفاجئا أبدا للمؤسسة الأمنية، والتي حاول رئيس حكومة التحالف الفاشي، ومن الساعات الأولى أن يعلن بأنه لم يكن يعلم شيئا، عن التحذيرات المسبقة.
وطوال الـ 257 للحرب العدوانية الأمريكية – الإسرائيلية على قطاع غزة، وامتدادها الإقليمي، وانكشاف بعض أهدافها مبكرا وقبل نهايتها العسكرية، برز حالة من "التباين" بين المؤسسة الأمنية ورئيس الحكومة نتنياهو، تجسدت بدايتها في تلميحاته المباشرة، بأنه لم يتم إعلامه بالمعلومات الأمنية حول الحدث، بعدما خرجت إشارات أولية عنها، ثم انتقلت الحركة الاعتراضية الى فتح الباب لنجله يائير وزوجته سارة بالتطاول على المؤسسة الأمنية.
ولم تكن خلافات نتنياهو وغالانت سرية أبدا، وصلت الى حد التهديد بالإقالة من الحكومة، كان للتدخل الأمريكي دورا كبيرا في وقف ذلك، وتواصلت حركة الاختلاف العلني بأشكال متعددة.
شرارة حرب اتهامية علانية بموجة جديدة انطلقت عندما أعاد نجل نتنياهو يائير نشر فيديو لجندي ملثم نشر على مواقع التواصل، يعلن التمرد على قرارات قيادة الجيش ويهدد وزير الجيش يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، في مايو 2024.
ولكن، التطور النوعي الكبير، والذي قد يكون نقطة فصل تاريخية في مسار دولة الكيان، عنما خرج نتنياهو ليتهم المؤسسة الأمنية وخاصة قيادة الجيش بأنها اتخذت قرار "وقف نار تكتيكية" في جنوب قطاع غزة برفح لساعات محددة، وكأنه "مظهر انقلابي" عندما أعاد استنباط مقولة رئيس وزراء دولة الكيان التاريخي بن غوريون، بأن "إسرائيل دولة لها جيش وليس جيش له دولة"..تعبير كثف بشكل كبير جدا عمق الأزمة التي تطورت خلال حكم نتنياهو.
وبسرعة غريبة، بدأت حركة إعلامية مساندة لنتنياهو تتهم المؤسسة الأمنية بالخيانة والتواطئ، كان أبرزها تصريحات الصحفي اليميني المتطرف يعقوب بردوغو حيث اتهم رئيس أركان جيش الكيان هاليفي بأنه لا يريد القضاء على حكم حماس استجابة لقرار الإدارة الأمريكية الراغبة مشاركتها في إدارة قطاع غزة، ترافق مع حملة تغريدية ليائير نتنياهو يكمل الاتهام بوصف الخيانة، فجاء الرد سريعا من الجيش بأن ما يحدث أكاذيب خطيرة.
ملامح الحرب بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية، وخاصة قيادة الجيش لم تعد حدثا عابرا، لكنها تتجه لتصبح "أزمة عميقة"، خاصة بعدما أدخلت أوساط نتنياهو الإدارة الأمريكية كطرف مشارك في الحملة، باعتبارها تشجع "التمرد" على رئيس الحكومة، لاعتبارات رؤيتها الخاصة.
ويبدو أن إدارة بايدن، بدأت في فتح "حرب ناعمة" ضد نتنياهو، بالخفاء وعبر أدوات أخرى، كان أبرزها إعادة تعميم نشاطات حركة مناهضة تسمى غير مقبول، تقود نشاطات تحت شعار "نتنياهو شخص غير مرغوب" قبل زيارته لواشنطن، تبعها الغاء لقاء خاص مع وفد إسرائيلي لبحث تطورات النووي الإيراني.
الحرب بين نتنياهو وقيادة الجيش، وإدخال أمريكا طرفا، ليس تقليدية، وربما تمثل سابقة لم تمر على دولة الكيان، لن تنتهي كما كل خلاف سابق حدث بينهما بـ "مساومة وترضية"، كونه انجرف إلى مسار نوعي، اتهامات واتهامات متبادلة تصل الى حد "التخوين"، خاصة وهو يأتي في ظل حرب دخلت شهرها التاسع على قطاع غزة.
ولأن حركة "الانقلابات العسكرية" ليست جزءا من "تقاليد دولة الكيان"، لكنها قد تشهد "انقلابا بطريقة أخرى" عبر الذهاب نحو فتح حرب واسعة يكون لبنان ساحتها المركزية، ما يعطي قيادة الجيش قوة تأثير تفوق الصوت السياسي، بعيدا عما يقال من مخاطر تلك الحرب، لكنها قد تكون "الخيار الأبرز" لمنع "صراع داخلي جديد".
ورغم أن الولايات المتحدة ليست مع فتح حرب ضد لبنان ضمن حساباتها الخاصة مع إيران، وكيفية الاستخدام السياسي، لكن التطورات في داخل الكيان ستجبرها الانحياز نحو "حرب إنقاذيه جديدة"، بدأت ملامحها تقترب، ولعل "لقاء المنامة" بين رئيس أركان دولة الاحتلال هاليفي ورؤساء أركان خمس دول عربية، جاء في سياق التمهيد لما سيكون من تطورات عسكرية لها بعد إقليمي.
التطورات متسارعة وأسرع من "برقيات الحماس المعنوي"، التي تطلقها بعض الأطراف المحلية، فلا خيارات واسعة لحل أزمة قد تمثل تهديد وجودي جديد لدولة الكيان سوى حرب مضافة.