- وزارة الصحة: استشهاد سامر محمد أحمد حسين (٤٦ عاما) برصاص الاحتلال قرب سلفيت
في شهر مايو 2024، نشرت وسائل متعددة، ما أسمته "رؤية عربية للسلام"، تم تقديمها إلى وزير خارجية أميركا بلينكن، كمساهمة من "السداسي العربي" فيما يعرف بـ "اليوم التالي"، كمحاولة تساومية خاصة بما يتعلق بإعلان دولة فلسطين، والذهاب إلى الأمم المتحدة لتعزيز مكانتها، والموافقة على "فصل مؤقت" بين الضفة واقطاع غزة ولكن دون أن يكون خارج صلاحيات السلطة الفلسطينية.
ورقة لا تلبي حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، بعد ثمن كفاحي دخل عهد الكارثة الكبرى، لا يمكن أن يكون ثمنه "مساومة رخيصة" تفتح الباب لتيه سياسي جديد، عبر أنفاق تفاوضية مع دولة فاشية، ومع ذلك رفضتها الإدارة الأمريكية، وتقدمت برد عليها، يتركز جوهره على استمرار الاحتلال بكل مفاصله في الضفة والقدس وقطاع غزة، وشطب المكتسب الوطني الأبرز في السنوات الأخيرة، دولة فلسطين، وإعادة تنصيب "الوصاية السياسية" على القضية الوطنية.
الورقة الأمريكية في نقاطها العشر كشفت أن اليوم التالي لحرب غزة كما تراه واشنطن هو حماية دولة الفاشية اليهودية من "الخطر الفلسطيني المحتمل"، وفتح باب التسويق التطبيعي خاصة مع العربية السعودية.
وقراءة في نقاطها، يمكن ملاحظة التالي:
تتحدث الخطة الأمريكية عن مشروع إغاثي واسع، دون أي تحديد للمهام والتكوين، وهو ما يضع الأمر بكاملة تحت "رغبة باطنية خاصة" تشترط ما يجب أن يكون لمساهمتها المالية، لتصبح عملية "إعادة الإعمار والإغاثة" جزء من "ترتيب سياسي"، كتشفه ما يليها من عناصر.
الحديث عن "المجموعات المسلحة" وشطبها من المشاركة بأي مستقبل سياسي، ووضع خطة لنزع سلاح قطاع غزة، يصبح شرطا لما سبق من الحديث عن خطة الإعمار والإغاثة، ما يفرض شرطا سياسيا ثم شرطا أمنيا، خاصة لم يتم تحديد من هي جهة تنفيذ عملية "نزع السلاح" وآليتها، ودون تحديد لنوع السلاح المسموح به لمن يدير قطاع غزة انتقاليا.
تتحدث الخطة الأمريكية، عن انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة دون تقليص في مساحته الجغرافية، دون زمن محدد، والأخطر أنه وفقا لترتيب الخطة سيكون مشروطا بتنفيذ عملية نزع سلاح قطاع غزة، وتلك مسألة تكشف أن جوهر الأمر ليس الانسحاب بل حصار البعد الفلسطيني في قطاع غزة.
تشير الخطة الى في "نهاية المطاف إعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت السلطة الوحيدة السلطة الفلسطينية"، ما يؤكد وجود عملية فصل انتقالي بين "حكم غزة وحكم الضفة"، دون تحديد زمني، ودون تحديد طابع "إدارة قطاع غزة"، وهي تعزيز لإنشاء "إدارة مدنية مؤقتة" تحت سلطة غير فلسطينية.
الخطة الأمريكية، تعتبر أن الطريق الوحيد لإنهاء الصراع والاحتلال من خلال مفاوضات مباشرة بين الطرفين، محاولة عملية لمنع تطبيق قرارات الرسمية الفلسطينية وخاصة ما يتعلق بـ "فك الارتباط بدولة الاحتلال"، بكل مكوناتها، وقطع الطريق على استكمال المكتسبات الوطنية التي أقرتها الأمم المتحدة لدولة فلسطين، خاصة أنها تضع التفاوض مع منظمة التحرير وليس دولة فلسطين، ما يؤكد إلغاء كل ما كان حقا وطنيا.
الخطة الأمريكية تجاهلت التطورات الهائلة التي حدثت منذ قمة كمب ديفيد التفاوضية عام 2000، فيما يتعلق بما كان يجب أن ينتهي من قضايا تفاوضية، وهي مناورة سياسية لا يجب أبدا قبولها، فالتفاوض القادم ينطلق من قرار الأمم المتحدة حول دولة فلسطين، وفق حدودها المحددة بشكل واضح على كامل الأرض المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ويكون التفاوض بين دولة فلسطين ودولة الكيان على مستقبل العلاقات، وتبادل أراضي فيما لو أريد إنشاء "ممر أرضي فلسطيني بن الضفة والقطاع"، وبعض مجالات التعاون الممكنة، وقضية اللاجئين، دون ذلك لا مجال للتفاوض عليها خاصة "الحدود، الاستيطان والقدس" فهي جزء من أرض دولة فلسطين.
وضع التطبيع وخاصة مع العربية السعودية، في سياق البحث عن تقدم نحو حل سياسي وليس شرطا لحل سياسي، مؤشر استخدامي للقضية الفلسطينية لتمرير مشروع أمريكي لخدمة دولة الكيان دون ثمن حقيقي.
وضع قيام السلطة الفلسطينية بجدول أعمال إصلاحي شامل، تدخل سياسي تجاوز كل حدود المقبول، خاصة وأنه ضمن خطة حل صراع، وكأنه شرط دون تعريف أي سلطة يراد ومن هي أدواتها، وهي محاولة فرض نظام حكم يكون أداة لتنفيذ مخطط أمريكا لليوم التالي، على حساب المشروع الوطني.
الخطة الأمريكية تخلو كليا من جدول زمني واضح وملزم، لمراحل التنفيذ.
ولكن الأخطر في الخطة الأمريكية، يكمن في تجاهلها المطلق لنمو الفاشية اليهودية وقواها، والتي تشكل خطرا واسعا ليس على الفلسطيني فحسب، بل على يهود داخل دولتهم، أو وجودهم داخل الضفة والقدس.
خطة أمريكا لليوم التالي تلخص أهدافها في شطب دولة فلسطين من الأمم المتحدة، وكل مالها من حقوق وتعريف، وإعادة زمن "الوصاية السياسية الأمنية" من باب قطاع غزة، وتمديد الاحتلال الإرهابي لسنوات مضافة باسم مرحلة انتقالية، تتضمن فصل مستدام بين الضفة وقطاع غزة، وتشكيل "حكم" بمقاس رؤيتها.
ملامح انتهاء الحرب العسكرية على قطاع غزة بدأت تتضح أكثر.. لكنها تتجه لحرب سياسية على الكيانية الوطنية الفلسطينية بكل أركانها، أكثر فأكثر.