غزة: تستنجد الفلسطينية أم محمود جودة من حي الصبرة في مدينة غزة جيرانها لمساعدتها بالحفر معها يدويا لإخراج جثث أقرباء لها من تحت أنقاض بناية سكنية تعرضت لقصف إسرائيلي.
ومع إعلان الهدنة الإنسانية في القطاع صباح يوم الجمعة الماضي بدأت أم محمود كحال آلاف من سكان قطاع غزة البحث عن الجثث يدويا في ظل ضعف شديد في قدرات عمال الإنقاذ وعناصر جهاز الدفاع المدني.
وتقول أم محمود بينما تنبش بيديها، وهي تذرف الدموع، إن البناية السكنية كان يقطنها أكثر من 50 شخصا بينهم أطفال ونساء جميعهم موجودون تحت الركام.
وتضيف السيدة البالغة من العمر (55 عاما) بينما تواجد حولها عشرات الشبان والفتية لمساعدتها أن البناية تعرضت قبل نحو أسبوعين لغارة إسرائيلية دون سابق إنذار، ما أدى لتدميرها بالكامل على رؤوس ساكنيها.
وتوضح وهي تتنقل بين جنبات البناية أن حجم الركام كبير ولم نتمكن من الوصول إلى أي من الجثث، مشيرة إلى أنها تقوم بالبحث يوميا منذ إعلان الهدنة أملا في الوصول إلى أحدهم.
وتصف أن ما جرى بحق سكان البناية "قتل جماعي مناف لكافة القوانين الدولية وحقوق الإنسان"، داعية إلى محاكمة إسرائيل على "انتهاكاتها وجرائمها" بحق سكان قطاع غزة.
وغالبا ما يقول الجيش الإسرائيلي إنه يقوم بإنذار أصحاب البنايات السكنية في قطاع غزة قبل قصفها.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة فإن إسرائيل ألقت 40 ألف طن من المتفجرات على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وقال بيان صادر عن المكتب إن المتفجرات التي ألقيت "لم تستخدم من قبل، ومئات الضحايا دفنوا في أماكن استهدافهم، والدمار الذي خلفه الاحتلال يعكس رغبته في جعل غزة غير صالحة للعيش".
وأضاف البيان أن طواقم الدفاع المدني انتشلت عشرات الجثث من تحت الأنقاض خلال الساعات الماضية بالطرق اليدوية والبدائية، مشيرا إلى وجود نحو 6500 مفقود، بينهم أطفال ونساء إما تحت الأنقاض أو أن مصيرهم مازال مجهولا.
ويأمل محمد أبو إسحاق بإخراج جثامين 15 فردا من أبناء عمه من تحت الركام بعد قصف الطيران الإسرائيلي منزلهم في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين وسط القطاع قبل وقت قصير من دخول الهدنة الإنسانية حيز التنفيذ.
ويتردد أبو إسحاق البالغ من العمر (39 عاما) المقيم في مخيم دير البلح للاجئين يوميا على المنزل الذي تم تسويته بالأرض، أملًا في وصول فرق الإنقاذ والدفاع المدني من أجل إخراجهم لدفنهم حسب الشريعة الإسلامية.
ويقول أبو إسحاق المكلوم على فراق أبناء عمه، إن الطيران الإسرائيلي قصف المنزل بعدد من الصواريخ دون سابق إنذار، ما أدى لمقتل جميع من في المنزل، وبينهم أطفال ونساء.
ويضيف أبو إسحاق بينما يقف على أنقاض المنزل المدمر أن الغارة الإسرائيلية أدت إلى "مسح" عائلة كاملة مكونة من 15 فردا من السجل المدني الفلسطيني في "جريمة يندى لها الجبين".
ويتابع أبو إسحاق أن سكان قطاع غزة يعانون منذ 50 يوما من "الدمار وحرب الإبادة بحق المدنيين والحجر والشجر".
وأفاد جهاز الدفاع المدني في القطاع بوجود مصاعب شديدة تواجهه في انتشال الجثث من تحت ركام المباني السكنية جراء افتقاره للمعدات والآليات الكافية.
وقال الناطق باسم الجهاز محمود بصل، إن جيش الاحتلال استهدف كافة الآليات في مناطق غزة والشمال ولم يتبق إلا حفار واحد يتم الاعتماد عليه.
وأضاف بصل أن جهاز الدفاع المدني يعمل بالحد الأدنى وضمن إمكانيات ضعيفة، مطالبا بإرسال طواقم عربية للتعامل مع حجم الدمار الكبير في غزة وإلا فإن عمليات انتشال الجثث قد تستمر لأشهر طويلة.
وحذرت الأمم المتحدة ومنظمات دولية من أن طول فترة تراكم الجثث وتحللها يهدد بالتسبب بتلوث صحي وبيئي خطير في قطاع غزة وتفشٍّ للبكتيريا والفيروسات، مما يؤدي إلى انتشار أوبئة مثل الكوليرا وأمراض أخرى قد تضر بالجهاز المناعي.
وبحسب إحصائيات فلسطينية رسمية فإن عدد الوحدات السكنية التي تعرضت إلى هدم كلي جراء الحرب الإسرائيلية بلغت قرابة 51 ألف وحدة، إضافة إلى 250 ألف وحدة سكنية تعرضت للهدم الجزئي.