انقلاب ترامب على اتفاق غزة والقرار الأممي لصالح نتنياهو
نشر بتاريخ: 2025/12/30 (آخر تحديث: 2025/12/30 الساعة: 13:27)

لم يكن متوقعا، سوى بعض الأغبياء أو المتواطئين، أن يكون هناك أي "صدام" بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس حكومة دولة الفاشية نتنياهو، حول مجمل القضايا المركزية في المنطقة والشرق الأوسط، وخاصة ما يرتبط بالقضية الفلسطينية في مجملها، وتحديدا قطاع غزة.

ولعل نتنياهو، فاز بما لم يكن يتوقعه مدحا نادرا لم يسبق أن قاله رئيس أمريكي لمسؤول من دولة الكيان، بل أنه تجاوز البعد الشخصي ليصفه بأن منقذ إسرائيل، والتي بدونه لما كانت موجودة، كلمات تتجاوز ليس المنطق السياسي لكنها تجاوزت حدود الحذر الخاص في المساس بقضايا خارجية.

ترامب في ذهابه لمنح نتنياهو "مديحا نادرا"، بعدما حاول التدخل في النظام القضائي لدولة الكيان كي يعفو عنه دون شروط، بهدف الذهاب لتبرئته عالميا أمام حملة المطاردة الدولية، في محكمتي العدل والجنائية، وتقديمه خلافا لما طابت به بصفته أحد مرتكبي إبادة جماعية وجرائم حرب في قطاع غزة.

يبدو أن ترامب لم يكتف بما كال لرأس الفاشية الجديدة "نتلر المعاصر"، لكنه ذهب لما هو أكثر خطورة سياسية في تغيير مضمون اتفاق شرم الشيخ وقرار مجلس الأمن 2083، دون اكتراث للحقيقة السياسية.

ترامب، وبوقاحة فريدة، أعلن أن دولة الكيان ورئيس حكومتها نفذوا ما عليهم من التزامات في المرحلة الأولى، وهو ما يتعاكس كليا والواقع، حيث رفضت فتح معبر رفح في الاتجاهين بعد 72 ساعة من انتهاء تسليم الرهائن، وأن تفتح باب دخول المساعدات بكل أشكالها دون قيود، وتعيد انتشار قواتها في منطقة الخط الأصفر، وعدم القيام بأعمال عسكرية، بما فيه الاغتيالات.

ترامب، وضع نزع سلاح حماس، شرطا مسبقا للانتقال للمرحلة القادمة، وهو انقلاب على جوهر الاتفاق، المرتبط بتشكيل قوة الاستقرار الدولية، ومعها اللجنة الإدارية في قطاع غزة، يترافق معها نشر قوات شرطية فلسطينية، مع إعلان مجلس الإعمار، لكنه وضع كل ذلك في معادلة هي من اختراع نتنياهو، سلاح قطاع غزة مقابل اليوم التالي.

والمسألة الأخطر التي تطرق لها ترامب، ما يتعلق بالتهجير، بالإشارة إلى أن غالبية سكان قطاع غزة سيهاجرون، مستخدما "استطلاعاته الخاصة" المستندة لجهاز أمن دولة الكيان، ما يثير كل المخاوف فيما يتم بين إدارتين واشنطن وتل أبيب، حول جوهر الخطة الأمريكية الحقيقة ومشروعها "غزة الجديدة".

وحول الضفة والقدس، فما ذكره ترامب لم يكن سوى حديث ثانوي عابر جدا حول "أفعال المستوطنين"، دون أي إشارة لما تم إعلانه حول فرض السيادة اليهودية عليها، ولم يتذكر أنه هناك "سلطة فلسطينية" أو كيانية فلسطينية ما، لها مكانة سياسية أو دور سياسي، تجاهل لا يمكن اعتباره سهوا سياسيا، بل هو انعكاس لموقف سياسي لم يعد مجهولا.

إعلان ترامب يوم 29 ديسمبر 2025، يمثل انقلابا جوهريا على اتفاق شرم الشيخ وقرار مجلس الأمن 2083، وأعاد صياغته ليخدم "تفسير" دولة الكيان، لما أعلنته حول توسيع وجودها العسكري واستمرار عملياتها بأشكال مختلفة، وشرطية نزع السلاح قبل أي خطوة جديدة.

"انقلاب ترامب" رسالة واضحة تنتظر ردا مباشرا من الثنائي العربي، مصر وقطر، وكذلك تركيا بصفتهم موقعي اتفاق شرم الشيخ وضامني التنفيذ.

ما حدث في واشنطن، رسالة لتحالف حماس الفصائلي بأن "الولدنة السياسة" والاستعراض الغبي ثمنه يفوق كثيرا حسابات الصغار.