أسرار تكشف لأول مرة.. ماذا تعرف قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين؟
نشر بتاريخ: 2025/12/19 (آخر تحديث: 2025/12/19 الساعة: 18:44)

خاص - تسابق حكومة الاحتلال الزمن لإقرار قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين وسط انتقادات واسعة من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، حيث يدعي الاحتلال أن الهدف المعلن هو ردع "الإرهاب" لكن الأهداف الحقيقية قد تكون أكثر تعقيدًا.

ما الذي طُرح؟

وزير أمن الاحتلال، المتطرف إيتمار بن غفير نشر صيغة محدّثة لمشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين، تمهيدًا للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست.

ويقف خلف المشروع كتلة "عوتسما يهوديت" بزعامة بن غفير، مع تعاون كتل أخرى، بينها "يسرائيل بيتينو".

وبحسب مسودة مشروع القانون، التي قدمتها عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ عن كتلة "عوتسما يهوديت"، يهدف التشريع إلى فرض عقوبة الإعدام على من تصفهم سلطات الاحتلال بـ"المخربين الذين تسببوا بمقتل إسرائيليين"، بدعوى "حماية دولة إسرائيل ومواطنيها"، و"تعزيز الردع"، و"إضعاف الدوافع لعمليات الخطف وصفقات التبادل".

ويهدف مشروع القانون وفق الادعاءات الإسرائيلية إلى “تعزيز الردع” ومنع عمليات الخطف وصفقات التبادل، تحت ذريعة "حماية أمن إسرائيل".

ما أخطر ما في الصيغة الجديدة؟

وفق مشروع القانون، يفرض الإعدام كعقوبة إلزامية على الأسرى الفلسطينيين، ويعتبر الأفعال المصنّفة سببًا للحكم ضمن توصيفات قانونية مشدّدة.

وتتضمن المسودة، وللمرة الأولى، بندًا خاصًا يتعلق بأسرى أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ينص على تطبيق القانون بأثر رجعي، بحيث تُفرض عقوبة الإعدام الإلزامية على "كل من تسبب بمقتل مدنيين أو سكان إسرائيليين" خلال تلك الأحداث.

ما التغييرات القضائية؟

يقترح مشروع القانون تعديل قانون العقوبات الإسرائيلي بما يفرض عقوبة الإعدام على "كل من تسبب عمدًا بمقتل مواطن أو مقيم إسرائيلي"، مع النص صراحة على أن صلاحية المحكمة في فرض العقوبة غير مشروطة بطلب من النيابة العامة.

كما أنه يوسع من صلاحيات المحاكم المدنية والعسكرية، ويلغي شرط إجماع القضاة والاكتفاء بأغلبية عادية، وعدم اشتراط موافقة النيابة العامة لفرض الإعدام، إضافة إلى إلغاء صلاحية القادة العسكريين بتخفيف أو إلغاء الحكم.

كما ينص المشروع على فرض عقوبة الإعدام الإلزامية على أسرى فلسطينيين من سكان الضفة الغربية المحتلة، عبر تحويل المحاكم العسكرية صلاحية إصدار أحكام الإعدام دون الارتباط بموقف النيابة.

ويقضي بإلغاء شرط الإجماع بين القضاة والاكتفاء بأغلبية عادية، إضافة إلى إلغاء شرط الرتب العسكرية العليا للقضاة المشاركين في إصدار الحكم.

كيف ومتى يُنفّذ الحكم؟

ووفق الصيغة المقترحة، تُصنّف هذه الأفعال على أنها "إبادة إنسان" بموجب قانون منع الإبادة الجماعية الإسرائيلي، مع منح المحكمة صلاحية إصدار حكم الإعدام دون التقيد بموقف النيابة العامة، على أن يُنفذ الحكم خلال مدة لا تتجاوز 90 يومًا من صدوره النهائي بواسطة مصلحة السجون.

أما آليات التنفيذ، فينص المشروع على أن الإعدام يتم بإطلاق النار، أو بالكرسي الكهربائي، أو شنقًا، أو بواسطة حقنة سامة، على أن ينفذ الحكم سجان يُعيَّن خصيصًا من قبل مفوض مصلحة السجون، مع الحفاظ على سرية هويته.

وبموجب الصيغة المقترحة، تُلغى صلاحية قائد قوات جيش الاحتلال في المناطق المحتلة بتخفيف الحكم أو تحويله أو إلغائه، حيث أن الحكم غير قابل للاستئناف أو تخفيفه بمساومة أو عفو.

الوضع التشريعي الحالي

أُقرّ مشروع القانون بالقراءة الأولى في 10 نوفمبر 2025 بأغلبية واضحة، حيث يجري التحضير للتصويت النهائي بعد مناقشات في لجنة الأمن القومي.

ويعكس هذا المشروع العنصري تصعيدًا تشريعيًا غير مسبوق ضد الأسرى الفلسطينيين، مع جدل داخلي ودولي واسع حول تداعياته القانونية والإنسانية والأمنية.

وفي الثامن من كانون الأول/ديسمبر الجاري، شارك بن غفير وأعضاء كتلته في جلسة لجنة الأمن القومي وهم يضعون دبابيس على شكل مشانق، في خطوة أثارت انتقادات واسعة داخل "الكنيست" وخارجه. وقال بن غفير آنذاك: "جئنا جميعًا مع هذا الدبوس الذي يمثل أحد خيارات تنفيذ قانون الإعدام… هناك المشنقة، والكرسي الكهربائي، وحتى الحقنة".

كما تفاخر بتشديد الإجراءات بحق الأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك تجويعهم، قائلًا: "أوقفنا المخيمات الصيفية، وجولات التنفس، والطعام الفاخر".

في المقابل، أعلنت نقابة الأطباء الإسرائيلية رفضها المشاركة في تنفيذ عقوبة الإعدام، فيما أكدت جمعية حقوق المواطن في "إسرائيل" أن هذه العقوبة تتعارض مع قدسية الحياة وكرامة الإنسان.

وحذّر رئيس "نقابة أطباء الصحة العامة" لدى الاحتلال، البروفيسور حغاي ليفين، من أن تطبيق الإعدام "قد يزيد من منسوب العنف ويلحق أضرارًا خطيرة". كما حذّر 16 مسؤولًا إسرائيليًا سابقًا، بينهم رئيسا جهاز "الشاباك" السابقان، في رسالة رسمية، من أن القانون "لن يعزز الردع"، بل "سيتسبب بضرر بالغ لأمن إسرائيل ويعرّض اليهود والإسرائيليين حول العالم للخطر".

وكانت "الهيئة العامة للكنيست" قد صادقت، في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على مشروع القانون بالقراءة الأولى، بأغلبية 36 عضو "كنيست" مقابل 15 معارضًا، فيما أُقر في الجلسة ذاتها مشروع قانون موازٍ بدعم من أحزاب في الائتلاف والمعارضة، ما عكس توافقًا سياسيًا واسعًا داخل المؤسسة الإسرائيلية على دفع هذا التشريع المثير للجدل.